
فضيحة النقل المدرسي بسطيف
فجّر أحد المنتخبين خلال دورة المجلس الشعبي الولائي الأخيرة بسطيف فضيحة مدوّية تتعلق بملف النقل المدرسي، حيث دعا والي الولاية إلى فتح تحقيق معمّق في التجاوزات المسجلة بعدد من البلديات، والتي شملت تلاعبات في الصفقات وإقصاء الحافلات البلدية لفائدة متعاملين خواص، ما أثقل كاهل الخزينة العمومية. مخالفات بالجملة وتجاوز للمرسوم التنفيذي أفادت مصادر مطلعة بأن عددًا من البلديات لم تلتزم بالمرسوم التنفيذي رقم 15/171 المنظم للنقل المدرسي، خاصة ما يتعلق بالحصول على رخصة خط نقل مدرسي من مديرية النقل، كما تنص عليه المادة 7. وقد كشف تقرير مفصل وُجه إلى مصالح الولاية عن غياب هذه الرخص لدى أغلب البلديات، ما سمح لبعض المتعاملين بالتحايل واستعمال حافلات غير مطابقة لدفتر الشروط. حالات إبعاد الحافلات البلدية لصالح الخواص في الوقت الذي تعتمد فيه بلديات مثل حربيل على حافلاتها لتغطية معظم الخطوط، أقدمت بلديات أخرى على غرار بئر العرش على إقصاء الحافلات البلدية التي كانت تضمن أربعة خطوط، والتعاقد مع خواص، بل وإنشاء خطوط جديدة لا تتجاوز مسافتها 700 متر، في مخالفة واضحة للتعليمات التي تحصر النقل في المسافات التي تفوق 2 كلم. ورغم توجيهات مديرية الإدارة المحلية باستغلال حافلات البلديات، لجأ رؤساء بعض المجالس إلى حيل تغطي هذا التوجه عبر خلق خطوط عشوائية. فروقات كبيرة في التسعيرات وتضخيم في الفواتير كما لوحظت فروقات كبيرة في تسعيرة النقل بين البلديات. فعلى سبيل المثال، تبلغ كلفة نقل تلميذ من أولاد “حجيجو” إلى قرية زراية ببلدية بيضاء برج (14 كلم) حوالي 80 دج، في حين تبلغ كلفة نقل تلميذ لمسافة 2 كلم فقط في بئر العرش 90 دج. وبلغت قيمة الخط الواحد لنقل 100 تلميذ يوميًا 90 ألف دج، في وقت تعتمد فيه مديرية النقل سعرًا مرجعيًا قدره 60 دج لنقل نفس المسافة. استغلال وثائق موحدة والتعاقد المزدوج أكدت مصادر مطلعة أن بعض المتعاملين استعملوا نفس وثائق الإمكانيات البشرية والمادية للمشاركة في عدة صفقات ببلديات مختلفة، كما هو الحال في البلاعة، بئر العرش، مزلوق، وعين أرنات. وتم تسجيل حالات استغلال حافلة واحدة لتغطية خطين في بلديتين مختلفتين، مثلما حدث مع تلاميذ “أولاد ضيف الله” ببئر العرش و”أمخانشة” بالولجة، مما أثار احتجاج الأولياء ودفع المتعامل لتوفير حافلة ثانية. مخالفات أخرى وتقصير في الرقابة وفي بلدية سطيف، وُجهت إعذارات إلى أحد المتعاملين بقرية “عين طريق” بعد تسجيل خروقات في تنفيذ العقد، وقد استجاب لتصحيح الوضع. كما رصدت تجاوزات تتعلق بتجاوز الحافلات لطاقتها الاستيعابية في بلدية عين الكبيرة، إلى جانب غياب تطبيق مواد المرسوم التنفيذي 08، 09، و18، التي تحدد الشروط التقنية والرقابية في النقل المدرسي. تبريرات لا تقنع القانونيين في ظل هذه التجاوزات، برّر بعض “الأميار” التعاقدات غير المطابقة برغبتهم في ضمان حق التلاميذ في النقل، تطبيقًا لتعليمات رئيس الجمهورية. غير أن مختصين في القانون شددوا على أن احترام قوانين الجمهورية يبقى السبيل الوحيد لضمان الحقوق، بعيدًا عن التحايل على المال العام واستنزاف الخزينة بطرق ملتوية. ص/م