2025-01-19 02:11

 نظمت كلية العلوم الاجتماعية جامعة وهران 2- محمد بن أحمد- وحدة البحث علوم الانسان للدراسات الفلسفية، الاجتماعية والانسانية بمناسبة إحياء الذكرى 70 أول نوفمبر لاندلاع ثورة التحرير الوطني، ندوة علمية في طبعتها الثانية حول: “نص بيان أول نوفمبر 1954 الدلالات والأبعاد القيمية ” بمشاركة عميد كلية العلوم الاجتماعية البروفيسور بوزيدي الهواري ومدير وحدة البحث البروفيسور بوعرفة عبد القادر ، والتي تم من خلالها التّطرق إلى هذا البيان الذي يستجيب لآفاق القراءات المفتوحة ،

حيث يعتبر بمثابة الدستور النواة لبناء الدولة الجزائرية العصرية الاجتماعية في اطار المبادئ الاسلامية السمحة والقيم الأصيلة للشعب الجزائري الذي تمسك بمبادئ وقيم السلم والسلام في الظروف التاريخية دون التخلي عن نضاله من أجل قضيته المشروعة، فكان العمل الثوري بالنسبة له وسيلة لإسترجاع الكرامة والسيادة وحقه في الوجود وليس غاية في حد ذاتها، وعليه تم تقديم المداخلات كقراءات مفتوحة تمثلت في “أول نوفمبر …نحو قراءة جديدة ” للبروفيسور الزاوي عمر جامعة وهران2 ، والبروفيسور مزي عبد القادر جامعة بشار في تقديمه لورقته البحثية حول “تَجَليّاتُ الوَعي الثّورِي في مَنطُوقِ بَيَانِ أَوّل نُوفَمبَر 1954م”.
يمثّل بيان أوّل نوفمير 1954م الوثيقة التّأسيسيّة للدّولة الجزائريّة المعاصرة، وهوّ يعكس مستوى انصهار القيّم الحضاريّة للأمّة الجزائريّة في بُعدها الإنساني والكوني، كما يعكس مستوى الوعي لدى نخبة القيّادة الثّوريّة (اللجنة الثّوريّة للوحدة والعمل/ CRUA).
تم التّطرق في هذه الندوة العلمية لقراءة في ‘منطوق بيان أوّل نوفمبر 1954م’، لأجل الإجابة عن الإشكاليّة الآتيّة: كيف تجلّى الوعي الثّوري لدى نخبة ‘اللجنة الثّوريّة من أجل الوحدة والعمل’ من خلال منطوق البيان؟
يُجمع جلُّ المؤرخين أنّ وثيقة بيان أوّل نوفمبر 1954م، التي تعتبر أوّل وثيقة رسميّة نُشرت عن الأمانة العامّة لجبهة التّحرير الوطني، هيّ بمثابة إعلان رسمي لحرب التّحرير الوطني أو ما يدرج في الكتابات التّاريخيّة تحت تسميّة ‘الثّورة الجزائريّة’. ونصُّ البيان يعتبر قاعدةً مرجعيّةً لفكر الثّورة التّحريريّة وأساس بناء الدّولة الجزائريّة الدّيمقراطيّة الاجتماعيّة ذات السيّادة ضمن إطار القيّم الحضاريّة للشّعب الجزائري.
إنّ مطلع نصّ البيان، جاء بصيغة النّداء وفيه تضمينا لإعلان الثّورة (أيّها الشّعب الجزائري.. أيّها المناضلون من أجل القضيّة الوطنيّة). وهوّ نص يجمع في استراتيجيّته الخطابيّة بين الإعلان والاستعطاف والإقناع والمحاججة، أمّا خاتمته ففيها إقامة الحجة على السّلطات الفرنسيّة التي ترفض السّلم من جهة وتبرئة الثّورة الجزائريّة من تُهمة إراقَةِ الدّماء من الجهة المقابلة.

وثيقة البيان:
❶وثيقة بيان أوّل نوفمبر 1954م تعدُّ الأولى لجبهة التّحرير الوطني صادرة عن أمانتها العامّة.
❷ البيان يعرف عادة أنّه بمثابة الإعلان عن اندلاع الثّورة ضدّ الاحتلال الفرنسي الاستيطاني.
❸ يعتبر البيان تتويجا للأهداف الكبرى التي كانت ترمي إليها الحركة الوطنيّة.
❹يعدُّ البيان قاعدة مرجعيّة للفكر الثّوري الجزائري عموما والثّورة التّحريريّة خصوصا، كما يعتبرُ أساس بناء الدّولة الجزائريّة الدّيمقراطيّة الاجتماعيّة ذات السيّادة ضمن إطار المبادئ الإسلاميّة.
❺في البيان تضمينا للمقوّمات الحضاريّة للشّعب الجزائري.
قيمة نصّ البيان بالرغّم من بساطة المستوى العلمي، يعكس مستوى الوعي.. (الأبعاد السيّاسيّة، الفكرية، الاستراتيجيّة، الحربيّة..).
بالرّغم من تشرّب مٌناضِلي الحَركَة الوطنيّة للقيّم الثّوريّة الإنسانيّة وبخاصّة استفادتهم من التّجارب الميدانيّة لبعضها (حرب العصابات الفيتناميّة)، تلك القيّم التي طبعت الجوّ العام في مرحلة ما بعد الحربين العالميّتين، إلا أنّ ثورة نوفمبر 1954م لم تَقم باستعارة إيديولوجيّات ثوريّة من الشّرق أو الغرب، بل بقيّت وفيّة لهويّة وقيّم الشّعب الجزائري الأصيلة.
مع مشروع الثّورة التّحريريّة تبلورت الإيديولوجيّة الوطنيّة الثّورية مستوعبة الدّيناميّة الحيّة لكفاح الشّعب الجزائري، رافضة كلّ محاولة للتّأثير على منهج الثّورة فكريّا وإيديولوجيّا… لذلك اتّسم الفكر الثّوري الجزائري بخصوصيّة وعالميّة في الوقت نفسه، وهوّ ما جعل الثّورة الجزائريّة مُلهِمةً لكلّ الشّعوب في طريق التحرّر.
فالأهداف العامة لهذه الندوة العلمية هي تلك القراءات المفتوحة من خلال سياقاتها المتعدد للتخصصات والتي تمثلت في :
فهم السياق التاريخي: تسليط الضوء على الظروف التاريخية والسياسية التي أدت إلى إصدار بيان أول نوفمبر 1954، وفهم السياق الداخلي والخارجي الذي واجهه الشعب الجزائري.
الحفر الأركيولوجي في بيان نوفمبر: لأجل البحث عن اللامنطوق، والمسكوت عنه.
تحليل مبادئ وأهداف البيان: دراسة وتحليل المبادئ التي نص عليها البيان، الحرية، والاستقلال، والسيادة الوطنية، والدولة الوطنية، ….
دور البيان في توحيد الجزائريين: توحيد بيان أول نوفمبر لصفوف الشعب الجزائري بمختلف شرائحه، وكيف أسهم في إشعال فتيل الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي.
تحليل الأحداث المرتبطة بالبيان: التعرف على الشخصيات البارزة التي أسهمت في إعداد وإصدار البيان، وكذلك الأحداث المهمة التي شكلت جزءاً من تاريخه.
إبراز القيم الوطنية والدروس المستفادة: استخراج القيم والمبادئ الوطنية من البيان، واستخدامها كنموذج يحتذى به للأجيال الحالية لتعزيز حب الوطن والوعي بتاريخ الجزائر.
تقييم تأثير البيان على الحركات التحررية العالمية: ألهم بيان أول نوفمبر حركات التحرر في العالم، وساهم في نشر الفكر التحرري.
البحث في كيفية نقل الإرث إلى الأجيال القادمة: مناقشة كيفية تعزيز الوعي التاريخي، والمعرفة ببيان أول نوفمبر لدى الأجيال الجديدة للحفاظ على الذاكرة الوطنية.
التفكير في كيفية الاستفادة من المبادئ في الحاضر: استلهام الدروس التي يمكن استخدامها لمجابهة التحديات المعاصرة، خاصة فيما يتعلق بالاستقلال السياسي، والاقتصادي، والوحدة الوطنية.
وعليه نسعى كنخب مثقفة لتكثيف المحاضرات والنقاشات من أجل المساهمة في تحقيق وتعزيز الوعي التاريخي، وتقدير النضال الذي قدمه الجزائريون، وكذلك البحث في كيفية تطبيق روح المبادئ التي جاء بها البيان في واقعنا المعاصر، والإعداد للمستقبل.

الدكتورة مريوة حفيظة جامعة وهران 2
مكلفة بالإعلام كلية العلوم الاجتماعية

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.