السؤال عندي أهم وأشرف من الجواب، لأنه كعقد النية الصادقة الكاملة المكتملة بذاتها ولذاتها. السؤال والتسائل دائما يأتي عكس المترسخ متحررا من المتوارث يهز التصورات ويقلب الراحة عناء والموات حياة والركود حركة. السؤال متحرر من قيود الرقابة سيد على نفسه، السؤال وحيد منعزل لا يبحث عن الجواب إنما الجواب هو من يبحث عنه لأنه كالعمل يكمُل لغيره ويتأثر بخلافه لأنه تابع لمصدره وسجين مصبِّه.
السؤال يتكرر دون مَلل، أما الجواب فيتعدد ليصنع مِللا.
السؤال دائما يبقى أكمل من الجواب، كما تكون النية أصفى من العمل.
**
مدارسنا ومؤسساتنا تعمل كما تعمل المؤسسات الإدارية والخدماتية. الإبتدائيات من الثامنة إلى الرابعة والمتوسطات والثانويات منها من يعمل حتى السادسة مساء. مع ساعة استراحة غداء.
لا بد أن تكون نتائج أطفالنا ومستواهم التعليمي أفضل من تلك المدارس في دول العالم الأول التي تستهزئ بوقت أطفالها وتدرسهم من التاسعة إلى الثانية.
أطفالنا لا يتعلمون في مدارسنا بل يعملون بدوام كامل.
وفوق كل هذا واجبات منزلية تسرق منه السويعات المتبقيات من يومه لتسرق طفولته كما سرقت منا نحن.
**
الجميع يزن كلامه، أداة الوزن هي التي تختلف وليس النية الصادقة، فمن الناس من يزن كلامه بالميزان الإلكتروني الذري وآخرون يزنون بميزان الذهب الى ميزان رووبرفال ومنهم من يزن بالربيعة الى الميزان الروماني ذو المصطبة أو الفرعوني ذو الدعامة ومنهم من يزن بميزان الجسر الذي يزن الشاحنات الضخمة بما حملت.
لا تقلق، لا تقلق حينما يرميك بعضهم بكلمات فيها نعومة غرامية ( من الغرام 1 على ألف من الكيلو وليس من الحب) ولا تقلق أيضا من صاحب ميزان الجسر الذي يحذفك بشاحنة مقطورة محملة ببضائع كلامية وخلطات نعتية لن تسرك.
العيب في الميزان دوما وليس في النية.
**
أين تلك الكتائب من الدعاة الذين ملئوا الدنى بخطابات الكراهية والحقد والبغضاء والفرقة والتحريض على القتل والقتال في العراق وسوريا وليبيا واليمن وسيناء ولبنان وقبلهم الجزائر.
اين أولئك الدعاة على أبواب السلاطين وعروش الشياطين وأبواب جهنم.
أين هم من إخواننا في فلسطين لماذا لا يتكلمون، وأشهرهم لا أجد في صفحته غير التحريض على أذكار الصباح والمساء.
لماذا لا يحرضون على القتال في غزة، لماذا لا يأتون بتلك الأحاديث الضعيفة والآيات الملوية أعناقها والمنامات والشهادات الكاذبة ويملأون قلوب الشباب بالحماسة كما فعلوا في سوريا، حتى أصبح المسلم يسلخ مسلما حيا، وأصبح المسلم يبقر بطن مسلمة حامل ويخرج الجنين ويذبحه، ورأينا آخر يشوي أخاه في الوطن على النار كالخروف، ورأينا آخر يسبي ابنة مواطن سوري سكن قرونا بجواره بحجة أنه أزيدي.
اين أنتم يا شياطين الدعوة، أين خرستم اليوم أين تختبئون اين تتلفعون برداء الذل والمهانة، اين تنبطحون تحت نعال أسيادكم المطبعين مع الكيان ال.ص.ه.ي.و.n.ي.
خسئتم وخاب مسعاكم، وأشجعكم يخرج علينا قائلا إن حماس تعين الع.د.و ال.ص.ه.ي.و.ن.ي على ق.ت.ل إخواننا، وأن عقيدة القسام رافضية.
لا تعرفون الوقوف لأجل قضية، لا تعرفون الجمع على مشروع، لا تملكون أدنى شروط الإمامة، وكلما رايتم وحدة بين شعوب الأمة خرجتم بسيف التصنيف وثالوث التوحيد لتخرجوا أناسا من الدين وتدخلوا آخرين إلى الجنة وتفرقون الجمع خوفا على ملوككم وليس على دين الله الذي لم يعد يحتاج أمثالكم.
يامن جعلتم منه مجرد طقوس وقصص وحكايا و “محاجيات وحجايات” لتنويم الأمة وعزلها عن واقعها وثنيها عن مقاصد الشريعة الكبرى وهدف الإسلام الأكبر وهو جمع البشر تحت أنظمة ودول مسلمة مبنية على مبادئ الحرية والعدالة والحق والواجب وتكافؤ الفرص والإنتاج.
وحسبي الله ونعم الوكيل فيكم جميعا، وأسأل الله أن يفضحكم ويظهر حقيقتكم للمسلمين يا من ساهمتم في تدمير الدين وأنتم تظنون بجهلكم أو نفاقكم بأنكم تخدمونه.
قال تعالى: ( ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين). نعم أنتم يا دعاة الجهل من تجعلون فتنة الناس كعذاب الله حتى أضعتم بوصلة الأمة في الحكم على سنن الله في خلقه والإتزان في الحق وقوانين الكون التي هي سنن الله.
قال تعالى: (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا)، ضل سعيكم فقد أوهمتم الأمة أنها تحسن صنعا بتدميرها لنفسها وقتلها لبعضها.
ولازلتم تكابرون وتكابدون خزيكم وتكتمون الحق بأن جعلتم دين الله في قراطيس تنفقونها على الأمة قرطاسا قرطاسا وكأنها أدوية وأعشاب مسكنة للألم مدرة للدولارات والأشهارات.
**
البداوة في بيئتها حق طبيعي لأهلها وطريقة حياة يجب حمايتها من أجل من يعيشها في حيزه وفي ضرورته الطبيعية.
لكن من يتشدق بالحداثة ويريد اللحاق بركب الحضارة … لالالا حتى لا يخرج علينا كل من يعطي للمصطلحات معاطف فضفاضة ويوظفها لمصالحه الإيديولوجية لنقل…
من يريد أن يسير على خط الحضارة الإنسانية في اتجاهها الطبيعي حسب أدوات تفكيره وأهدافه في بناء دول قوية، لن يستطيع بناء ما يصبو إليه خارج المعنى الفلسفي العام لمصطلح “المدينة”، المناقض تماما لكل معاني البداوة.
ومن لديه حمية إيمانية يريد أن يرميها في وجهنا كشهب مقدسة، ندعوه إلى التساءل المنطقي العلمي عن سبب تسمية النبي محمد (ص) تجمعا سكنيا “بالمدينة”،اسم لم يطلقه العرب على تجمعاتهم السكنية من قبل، بعد أن كان اسمه لقرون “يثرب”
عبد الكريم مباتة